في عالم اليوم المعقد والمتغير بسرعة، أصبحت العلامة التجارية أكثر من مجرد اسم أو شعار. فهي تمثل صورة الشركة وتؤثر على قرارات الشراء، مما يجعلها من الأصول القيمة التي تساهم في النجاح والاستدامة المالية للشركات. ومع تزايد حجم السوق العالمي للعلامات التجارية ليصل إلى ما يقدر بنحو 7 تريليون دولار أمريكي في عام 2023، أصبح من الضروري للشركات أن تدرك قيمة علاماتها التجارية بشكل دقيق. وفي هذه المقالة، سنستعرض بعض المناهج والأساليب المعروفة لتقييم قيمة العلامات التجارية، مع إلقاء الضوء على مدى فعالية كل منها.
أهمية حساب قيمة العلامة التجارية
العلامة التجارية ليست مجرد شعار أو اسم يميز المنتج عن غيره؛ بل هي تعبير عن جودة، ومصداقية، وسمعة تميزها عن منافسيها. تظهر الأبحاث أن الشركات التي تمتلك علامات تجارية قوية تتفوق في الأسواق من حيث جذب العملاء، والحفاظ على ولائهم، وتحقيق أرباح مرتفعة. وفي تقرير حديث، اتضح أن 75% من المستهلكين يفضلون شراء المنتجات من العلامات التجارية التي يعرفونها، مما يدل على مدى أهمية العلامة التجارية في التأثير على قرارات الشراء.
مناهج حساب قيمة العلامة التجارية
توجد العديد من المناهج والأساليب التي يتم استخدامها لحساب قيمة العلامة التجارية، وتختلف هذه المناهج وفقًا لأهداف واحتياجات الشركات. من بين المناهج الرئيسية لحساب قيمة العلامة التجارية:
1. الطريقة المعتمدة على الإيرادات
تُعرف هذه الطريقة بتقييم العلامة التجارية بناءً على الإيرادات التي تساهم بها العلامة التجارية في إجمالي دخل الشركة. وتقوم هذه الطريقة على تقدير الإيرادات التي تحققها العلامة التجارية مقارنةً بالعلامات الأخرى، ومن ثم يتم تطبيق معدل خصم للوصول إلى القيمة الحالية لهذه الإيرادات المستقبلية.
مثال: إذا كانت العلامة التجارية تحقق إيرادات تبلغ 500 مليون دولار سنويًا، وتوقعات النمو تشير إلى معدل نمو بنسبة 5% سنويًا، يتم استخدام معدل الخصم للوصول إلى القيمة الحالية لهذه الإيرادات، وهو ما يساعد على تحديد قيمة العلامة التجارية بدقة.
2. الطريقة المعتمدة على التكلفة
في هذه الطريقة، يتم تقييم العلامة التجارية بناءً على التكاليف التي تكبدتها الشركة لبناء وتطوير العلامة التجارية على مر السنين. تشمل هذه التكاليف الإنفاق على التسويق، والإعلانات، وتطوير المنتجات، وغيرها من الأنشطة التي تهدف إلى بناء سمعة العلامة التجارية.
تعتبر هذه الطريقة أكثر دقة للشركات التي تعتمد بشكل كبير على الإنفاق لبناء سمعة قوية، لكنها لا تأخذ في الاعتبار القيمة غير الملموسة التي تحققها العلامة التجارية بمرور الوقت.
3. طريقة التدفق النقدي المخصوم (DCF)
تعتمد هذه الطريقة على حساب التدفقات النقدية التي تدرها العلامة التجارية على الشركة، وتطبيق معدل خصم لتحديد قيمتها الحالية. تعد هذه الطريقة من الأدوات المالية الدقيقة التي تساعد على تقييم العلامة التجارية بناءً على ما تحققه من تدفقات نقدية للشركة.
ووفقًا لتقرير صادر عن شركة “Brand Finance”، تعتبر هذه الطريقة من أكثر الطرق استخدامًا في الشركات الكبيرة التي تتطلع إلى الحصول على تقدير مالي موضوعي لعلاماتها التجارية.
4. طريقة مقارنة السوق
تعتبر هذه الطريقة من الطرق الشائعة لتقييم العلامات التجارية، حيث يتم مقارنة العلامة التجارية بعلامات تجارية مشابهة في السوق بناءً على معايير معينة. تشمل هذه المعايير الحصة السوقية، والوعي بالعلامة التجارية، والتأثير على العملاء.
على سبيل المثال، إذا كانت شركة مثل “كوكاكولا” ترغب في تقييم قيمة علامتها التجارية، فإنها قد تعتمد على مقارنة علامتها بعلامات تجارية منافسة مثل “بيبسي” للوصول إلى تقدير واقعي لقيمة العلامة التجارية.
إحصائيات حول حساب قيمة العلامة التجارية
في دراسة أجرتها شركة “Interbrand” حول أفضل 100 علامة تجارية لعام 2023، بلغت القيمة الإجمالية لهذه العلامات أكثر من 2.3 تريليون دولار أمريكي. وأظهرت الدراسة أن الشركات التي تستثمر بانتظام في تحسين علاماتها التجارية تحقق زيادة ملحوظة في قيمتها عامًا بعد عام، مع تحقيق الشركات الرائدة في مجال العلامات التجارية نموًا يصل إلى 15% سنويًا.
خاتمة
تقييم قيمة العلامة التجارية ليس مجرد تمرين مالي، بل هو عملية شاملة تهدف إلى تقديم رؤية أعمق حول التأثير الاقتصادي للعلامة التجارية. ومن خلال استخدام المناهج والأساليب المختلفة، يمكن للشركات أن تحدد قيمة علامتها التجارية بدقة أكبر، مما يساعدها في اتخاذ قرارات استراتيجية تعزز من مكانتها في السوق. ووفقًا لتقرير حديث، فإن الشركات التي تستثمر بفاعلية في بناء العلامات التجارية تحقق نموًا سنويًا بنسبة 10% على الأقل، مما يؤكد أن الاستثمار في العلامة التجارية يعد استثمارًا ذكيًا يحقق عائدات طويلة الأمد.
