مع تسارع التحولات الرقمية والتكنولوجية، أصبحت رحلة المشتري في عام 2025 أكثر تعقيدًا وديناميكية من أي وقت مضى. لم يعد المستهلك يتبع مسارًا خطيًا بسيطًا من الوعي إلى الشراء، بل يتنقل عبر قنوات متعددة، مدفوعًا بالتكنولوجيا الذكية، والتوقعات العالية، والوعي المتزايد بالاستدامة. في هذا المقال، نستعرض رحلة المشتري في عام 2025 من خلال رؤى مستمدة من أربع دراسات رئيسية، مع أمثلة عملية توضح كيف تتشكل هذه الرحلة وكيف يمكن للشركات التكيف معها.
ما هي رحلة المشتري؟
رحلة المشتري هي العملية التي يمر بها المستهلك من لحظة إدراكه لاحتياج معين، مرورًا بالبحث عن حلول، وتقييم الخيارات، وصولاً إلى اتخاذ قرار الشراء، ثم التفاعل مع العلامة التجارية بعد الشراء. تتكون الرحلة عادة من المراحل التالية:
الوعي: اكتشاف المستهلك لمشكلة أو حاجة.
التقييم: البحث عن المعلومات ومقارنة الخيارات.
القرار: اختيار المنتج أو الخدمة وإتمام عملية الشراء.
ما بعد الشراء: التجربة مع المنتج، الدعم، والولاء للعلامة التجارية.
في عام 2025، تتأثر هذه المراحل بعوامل مثل الذكاء الاصطناعي، التجارة الاجتماعية، الاستدامة، والتوقعات المتزايدة للتوصيل السريع. دعونا نستكشف هذه التحولات من خلال أربع دراسات رئيسية.
## الدراسة الأولى: التجارة الاجتماعية والشباب في الأسواق الناشئة (McKinsey, 2024)
وفقًا لتقرير McKinsey حول المشهد الاستهلاكي في 2024، أصبحت التجارة الاجتماعية – أي الشراء مباشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي – قوة دافعة في رحلة المشتري، خاصة في الأسواق الناشئة مثل السعودية والإمارات. أظهرت الدراسة، التي شملت استطلاعًا لـ15,000 مستهلك في 18 سوقًا، أن الشباب (15-34 عامًا) يشكلون نسبة كبيرة من المستهلكين في هذه الأسواق، وهم متفائلون بشأن الاقتصاد، مما يزيد من إنفاقهم.
أهداف رئيسية:
التأثير الاجتماعي في مرحلة الوعي: يعتمد المستهلكون الشباب على منصات مثل تيك توك وإنستغرام لاكتشاف المنتجات. على سبيل المثال، قد يرى مستهلك سعودي مقطع فيديو على تيك توك يروج لمنتج مستدام مثل زجاجة ماء قابلة لإعادة الاستخدام، مما يثير اهتمامه.
التقييم عبر المحتوى التفاعلي: توفر منصات التجارة الاجتماعية محتوى تفاعليًا، مثل بث مباشر يعرض المنتج، مما يساعد المستهلك على تقييم الخيارات بسرعة.
الشراء السريع: تتيح هذه المنصات إتمام الشراء بنقرة واحدة، مما يقلل من الوقت بين التقييم والقرار. على سبيل المثال، يمكن لمستهلك في دبي شراء ملابس رياضية مباشرة من إنستغرام دون مغادرة التطبيق.
مثال عملي:
شركة أزياء محلية في الرياض تستخدم إنستغرام لإطلاق حملة تسويقية تستهدف الشباب. من خلال التعاون مع مؤثرين، تنشر الشركة مقاطع فيديو قصيرة تعرض تصاميم مستدامة. يتفاعل المستهلكون مع المنشورات، يطرحون أسئلة عبر البث المباشر، ويشترون المنتجات مباشرة عبر رابط في التطبيق. هذا النهج يدمج مراحل الوعي، التقييم، والشراء في تجربة سلسة.
## الدراسة الثانية: اللوجستيات المتقدمة والتوصيل السريع (TrendX, 2025)
تقرير TrendX حول اتجاهات المستهلك في 2025 يسلط الضوء على أهمية الخدمات اللوجستية المتقدمة في تشكيل رحلة المشتري. أظهرت الدراسة أن 65% من المستهلكين في 2024 اعتبروا التوصيل خلال ساعتين ميزة رئيسية، مقارنة بـ34% في 2022. كما زاد استعداد المستهلكين لدفع رسوم إضافية للتوصيل السريع من 6% إلى 9% من قيمة الطلب.
أهداف رئيسية:
التوقعات في مرحلة القرار: يتوقع المستهلكون توصيلًا سريعًا وفعالًا، مما يجعل سرعة التوصيل عاملاً حاسمًا في اختيار العلامة التجارية. على سبيل المثال، قد يختار مستهلك في القاهرة متجرًا إلكترونيًا يوفر توصيلًا في نفس اليوم بدلاً من متجر يستغرق ثلاثة أيام.
ما بعد الشراء: تجربة التوصيل تؤثر على ولاء العملاء. إذا وصل المنتج في الوقت المحدد وبحالة جيدة، يزداد احتمال عودة المستهلك للشراء مرة أخرى.
التكنولوجيا الذكية: تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي لتحسين سلاسل التوريد، مثل التنبؤ بالطلب وتحديد أفضل مسارات التوصيل.
مثال عملي:
شركة توصيل طعام في الإمارات تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد أقصر المسارات لتوصيل الطلبات خلال 30 دقيقة. عندما يطلب مستهلك وجبة عبر التطبيق، يتلقى تحديثات فورية عن حالة الطلب، مما يعزز تجربته ويشجعه على مشاركة تقييم إيجابي.
## الدراسة الثالثة: الإستدامة كعامل حاسم (تولونا وميتريكس لاب، 2025)
كشف تقرير “توجهات المستهلكين لعام 2025” من تولونا وميتريكس لاب عن تزايد تأثير الاستدامة على قرارات الشراء، خاصة في السعودية. أشار التقرير إلى أن 64% من المستهلكين يتأثرون بالاستدامة عند اختيار المنتجات، و41% يفضلون العبوات الصديقة للبيئة، بينما يدعم 53% الشركات التي تتبع ممارسات بيئية مسؤولة.
أهداف رئيسية:
الوعي المستدام: يبحث المستهلكون عن منتجات تدعم القيم البيئية. على سبيل المثال، قد يفضل مستهلك سعودي شراء منتجات غذائية عضوية لدعم الزراعة المستدامة.
التقييم بناءً على الممارسات: يقارن المستهلكون بين العلامات التجارية بناءً على التزامها بالاستدامة. شركة تستخدم مواد قابلة لإعادة التدوير قد تكتسب ميزة تنافسية.
ما بعد الشراء: يشعر المستهلكون بالرضا عند دعمهم لعلامات تجارية مستدامة، مما يعزز ولاءهم.
مثال عملي:
شركة مستحضرات تجميل في السعودية تطلق خط إنتاج يستخدم عبوات قابلة لإعادة التدوير ومكونات طبيعية. من خلال حملة تسويقية تركز على الاستدامة، تجذب الشركة مستهلكين مهتمين بالبيئة، مما يزيد من مبيعاتها ويعزز سمعتها.
## الدراسة الرابعة: التسويق الإلكتروني والذكاء الاصطناعي (عبدالرحمن العتيبي، 2024)
وفقًا لدراسة حول التسويق الإلكتروني لعام 2025، أصبح الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات أدوات أساسية في تخصيص رحلة المشتري. تساعد هذه التقنيات الشركات على تحليل سلوك المستهلكين بدقة وتقديم عروض مخصصة.
رؤى رئيسية:
تخصيص مرحلة الوعي: يستخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم إعلانات مستهدفة بناءً على اهتمامات المستهلك. على سبيل المثال، قد يرى مستهلك مهتم بالسفر إعلانات عن عروض فنادق فاخرة.
تحسين التقييم: تساعد تحليلات البيانات في تقديم توصيات مخصصة. متجر إلكتروني قد يعرض للمستهلك منتجات تتناسب مع مشترياته السابقة.
ما بعد الشراء: تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي لتحسين خدمة العملاء، مثل الردود الآلية على الاستفسارات.
مثال عملي:
متجر إلكتروني للإلكترونيات في مصر يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المستهلكين. عندما يتصفح مستهلك موقع المتجر، يتلقى توصيات مخصصة لهاتف ذكي بناءً على تفضيلاته، مما يزيد من احتمالية الشراء.
كيف يمكن للشركات التكيف مع رحلة المشتري في 2025؟
استنادًا إلى هذه الدراسات، إليك استراتيجيات عملية للشركات:
الاستثمار في التجارة الاجتماعية: قم بإنشاء محتوى تفاعلي على منصات التواصل الاجتماعي واستخدم المؤثرين لجذب الشباب.
تحسين الخدمات اللوجستية: اعتمد تقنيات ذكية لتسريع التوصيل وضمان تجربة سلسة.
التأكيد على الاستدامة: ركز على استخدام مواد صديقة للبيئة وشارك قصص نجاحك البيئية مع العملاء.
تخصيص التجربة: استخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم عروض مخصصة وتحسين تجربة العملاء.
الخلاصة
رحلة المشتري في عام 2025 ليست مجرد عملية شراء، بل تجربة متكاملة مدفوعة بالتكنولوجيا، الاستدامة، والتوقعات العالية. من خلال الاستفادة من التجارة الاجتماعية، تحسين اللوجستيات، التركيز على الاستدامة، وتخصيص التجربة باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات تلبية احتياجات المستهلكين وبناء ولاء طويل الأمد. مع استمرار تطور السوق، يجب على الشركات البقاء مرنة ومبتكرة لمواكبة هذه التغيرات الديناميكية.