Skip links

(شركة رن واى) كيف حولت الأتمتة والذكاء الاصطناعي إطلاقاً فيروسياً إلى نجاح باهر دون إهدار فرصة

في عالم الشركات الناشئة، قليل من القصص تُروى عن التحوّل من ومضة فيروسيّة إلى نموذج عمل راسخ ومربح. لكن شركة رن واي (Runway) – المتخصصة في أدوات الذكاء الاصطناعي للفيديو والإبداع – فعلت ما هو أكثر من ذلك: لقد استغلّت لحظة ضوء نادرة، وسخّرت الأتمتة والذكاء الاصطناعي لتحوّلها إلى قفزة استراتيجية نحو القمة.

البداية: منتج فيروسي في قلب الإنترنت

بدأت القصة بإطلاق أداة Runway’s Gen-2، وهي تقنية تحويل النصوص إلى فيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي. خلال أيام، غزت المقاطع المصنوعة بهذه الأداة منصات مثل تويتر، يوتيوب، وتيك توك. أعجب بها المبدعون، وبدأت وكالات الإنتاج الرقمي ومصممو المحتوى في مشاركة نتائجهم بشكل جنوني.

الطلب ارتفع، والفرصة كانت واضحة – ولكنها عابرة.

الأتمتة: البنية التحتية قبل الشهرة

ما لم يره الجمهور هو أن Runway كانت تُعدّ بنيتها التحتية بذكاء منذ البداية.

  • خوادم مؤتمتة قابلة للتوسيع بسرعة استجابت للطلب المتزايد دون تأخير أو سقوط.
  • تكامل API ذكي مكّن الشركات والمطورين من دمج الأدوات بسهولة.
  • لوحة تحكم ذاتية الاستخدام ساعدت المستخدمين الجدد على البدء بدون الحاجة للدعم المباشر.

كل خطوة في رحلة المستخدم كانت مُؤتمتة، وهذا سمح للشركة بالاستجابة للزخم دون أن تختنق.

الذكاء الإصطناعي: منتج يتعلّم من نفسه

لم تكتف Runway بالركوب على موجة الذكاء الاصطناعي – بل جعلته قلب استراتيجيتها.

  • الأداة تعلّمت من المحتوى المستخدم لتحسين النتائج.
  • المستخدمون ساهموا في تدريب النماذج عن غير قصد، من خلال تفاعلهم مع النظام.
  • الشركة استخدمت خوارزميات متقدمة لمتابعة سلوك المستخدمين واقتراح ميزات جديدة بسرعة.

ببساطة، المنتج نفسه كان يتطوّر مع كل نقرة، ما ساعده على البقاء في الصدارة.

ما بعد الفيروسية: بناء الثقة وتحقيق الأرباح

بدلاً من السعي وراء الاهتمام اللحظي، ركزت Runway على:

  • تحويل المستخدمين المجانيين إلى مشتركين مدفوعين من خلال نماذج تسعير مرنة.
  • التعاون مع استوديوهات كبيرة مثل Netflix وCBS.
  • إطلاق أدوات جديدة بشكل مستمر للحفاظ على الزخم والتوسع في استخدامات جديدة (مثل تحرير الفيديو، إزالة الخلفيات، وغيرها).


الدرس الأكبر: لا تدع الشهرة تسرق تركيزك

العديد من الشركات تسقط في فخ “اللحظة الفيروسية” وتضيع في الزخم دون استراتيجية. لكن Runway أثبتت أن الأتمتة المدروسة والذكاء الاصطناعي التكيّفي يمكن أن يخلقا منظومة قادرة على تحويل الانبهار اللحظي إلى نمو مستدام ونجاح طويل الأمد.

أولاً: ما هي Runway؟ ولماذا Gen-2 كانت نقطة التحوّل؟

شركة Runway هي شركة ناشئة أميركية تأسست لتقديم أدوات قائمة على الذكاء الاصطناعي تتيح للمبدعين إنتاج فيديوهات وصور وتأثيرات بصرية بدون الحاجة لخبرة تقنية متقدمة.

النقلة النوعية حدثت عند إطلاقهم لأداة Gen-2 التي تتيح إنشاء فيديوهات قصيرة من مجرد وصف نصي. هذا التطور كان بمثابة الحلم الذي طالما راود المبدعين والمصممين المستقلين: أداة تترجم الخيال إلى صورة متحركة.


ثانياً: كيف تعاملت Runway مع الإنفجار الفيروسي؟

عندما بدأت المقاطع المُنتَجة بأداة Gen-2 تنتشر كالنار في الهشيم، واجهت Runway موقفًا صعبًا:

إما أن تسقط ضحية نجاحها المفاجئ، أو أن تستثمر اللحظة ببراعة.

الحل كان في ثلاثية استراتيجية:

الأتمتة الذكية:

  • تم إعداد بنية تحتية سحابية قادرة على التوسع تلقائيًا دون تدخل يدوي.
  • العمليات الداخلية مثل إدارة الحسابات، إرسال الرسائل، وحتى الرد على الإستفسارات، كانت تعمل عبر أنظمة مؤتمتة.

إستفادة تكيفية من الذكاء الاصطناعي:

  • الذكاء الاصطناعي لم يكن فقط جزءًا من المنتج، بل كان أداة داخلية لتحسين تجربة المستخدم.
  • خوارزميات متابعة السلوك حللت كيف يستخدم الناس الأداة وقدّمت توصيات مباشرة لتطوير المنتج.

تجربة مستخدم من الدرجة الأولى (UX/UI):

  • واجهات الاستخدام صُممت لتكون بديهية ومشجّعة.
  • أي مستخدم جديد كان قادرًا على إنتاج أول فيديو له في أقل من 5 دقائق – نقطة محورية في خلق الإدمان على الأداة.

ثالثاً: الفريق الذي يقف خلف النجاح

رغم أن المنتج مبهر، إلا أن العقل البشري خلفه كان أهم.

  • الفريق المؤسس في Runway جمع بين خبرات فنية، وبحث أكاديمي، ورؤية سوقية حادّة.
  • استعانوا بمواهب من شركات مثل Google وAdobe لبناء منتج مرن وقابل للتوسع.
  • ثقافة الفريق ركزت على التكرار السريع والاختبار المستمر، ما سمح لهم بتجربة ميزات جديدة كل أسبوع تقريبًا.

رابعاً: إستغلال الشهرة بدلًا من اللهث وراءها

بدل أن تغرق الشركة في ضجيج الشهرة، قامت بـ:

  • إغلاق شراكات استراتيجية مع شركات إنتاج كبرى.
  • توفير نسخ احترافية للمؤسسات والوكالات الإبداعية.
  • فتح واجهات API للمطورين، مما حفّز بناء أدوات جديدة فوق نظام Runway الأساسي.

خامساً: التحديات التي كادت تعرقل الطريق

لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. من أبرز التحديات:

  • الضغوط على الخوادم نتيجة عدد هائل من المستخدمين في وقت قصير.
  • الجدل الأخلاقي حول استخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى المرئي، خاصة بعد استخدام الأداة في فيديوهات مُعدّلة لأحداث سياسية وفنية.
  • الخوف من النسخ والتقليد، خاصة بعد أن بدأت شركات مثل Meta وAdobe بتطوير أدوات مشابهة.

لكن ما أنقذ Runway هو سرعتها في التطوير واستجابتها الفورية للتحديات التقنية والاجتماعية.


سادساً: المستقبل – إلى أين تتجه Runway؟

بحسب تصريحات المؤسسين، رؤية Runway تتجاوز مجرد “أداة لصناعة الفيديو”، بل تهدف إلى:

  • إعادة تعريف عملية الإنتاج الإبداعي بالكامل.
  • توفير منصة موحدة تجمع بين الذكاء الاصطناعي، التعاون، والتحكم اليدوي.
  • إدخال أدوات التعليق الصوتي، الترجمة التلقائية، وتعديل السيناريو تلقائيًا باستخدام النماذج اللغوية المتقدمة.

سابعاً: دروس مستفادة لأي شركة ناشئة

  1. الزخم ليس النجاح – بل هو فرصة يجب الاستعداد لها.
  2. الأتمتة ليست رفاهية – بل ضرورة للنمو السريع.
  3. الذكاء الاصطناعي ليس فقط أداة – بل يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية التطوير.
  4. الفريق المناسب هو من يصنع
    الفارق – لا الفكرة وحدها.


الخلاصة: نموذج يُحتذى به

ما فعلته Runway يمكن اختصاره في عبارة واحدة:

“عندما جاءت اللحظة، لم تندهش… بل كانت مستعدة.”

هذا هو الفارق بين من يعيش لحظة نجاح، ومن يصنع مسارًا طويل الأمد مبنيًا على تلك اللحظة.

LinkedIn
Facebook
X
Pinterest

Leave a comment