في عالم الأعمال، كثيراً ما يُطرح سؤال حول الفرق بين الغاية والشغف والقيَم، وكيفية تأثير كلٍ منها على الأداء الشخصي والمهني. رغم أن هذه المصطلحات قد تبدو متشابهة في البداية، إلا أنها تحمل معاني مختلفة تماماً ولها تأثيرات متنوعة على طريقة عمل الأفراد داخل المنظمات.
الغاية في العمل:
الغاية هي الهدف الأكبر الذي يسعى الشخص لتحقيقه في حياته المهنية والشخصية. هي الصورة الكبرى التي توجه الأفراد في مسيرتهم المهنية. يُمكن أن تكون الغاية مرتبطة بتحقيق النجاح المالي، الإسهام في المجتمع، أو بناء إرث طويل الأمد. على سبيل المثال، قد يسعى رجل أعمال لإنشاء شركة تهدف إلى تحسين نوعية الحياة في المجتمع، أو قد يسعى شخص في مجال الرعاية الصحية إلى تحسين رفاهية المرضى. بمعنى آخر، الغاية تمنح العمل مغزى أعمق وتساعد في توجيه القرارات الكبرى.
الشغف في العمل:
أما الشغف في العمل، فيُمثل الحافز الشخصي الذي يجعل الشخص ملتزماً ومتحمساً للعمل الذي يقوم به. هو ما يُثير الحماسة في الفرد، ويمنحه دافعاً إضافياً للنجاح والمثابرة رغم التحديات. الشغف قد يكون مرتبطاً بنوع معين من العمل، مثل البرمجة، الكتابة، التصميم، أو حتى القيادة. الأشخاص الذين يمتلكون شغفاً كبيراً في مجال معين هم أكثر قدرة على التفوق والابتكار في هذا المجال. أظهرت دراسة حديثة أن حوالي 80% من الموظفين الذين يعملون في مجالات يشعرون بشغف حقيقي تجاهها، هم أكثر إنتاجية في مهامهم اليومية.
القيَم في العمل:
القيَم هي المبادئ الأساسية التي يؤمن بها الشخص وتوجه تصرفاته في بيئة العمل. قد تشمل القيَم احترام الآخرين، النزاهة، الشفافية، والعمل الجماعي. القيَم تُساعد في بناء بيئة عمل صحية، حيث تضمن التعاون الفعّال والاحترام المتبادل بين الأفراد. عندما تتماشى القيَم الشخصية مع ثقافة المنظمة، يصبح من الأسهل تحقيق النجاح المشترك. وفقاً لإحدى الدراسات، يُظهر 65% من الموظفين أن انسجام قيمهم الشخصية مع قيم الشركة هو أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على رضاهم الوظيفي واستمرارهم في العمل.
أيها أكثر أهمية في العمل؟
بين الغاية والشغف والقيَم، يصعب تحديد الأكثر أهمية بشكل مطلق، حيث أن كل واحد منها يلعب دوراً حيوياً في نجاح الأفراد في بيئة العمل. لكن هناك بعض النقاط التي يمكن أخذها بعين الاعتبار عند الإجابة على هذا السؤال:
الغاية تُعد الدافع طويل المدى، فهي التي تمنح الشخص شعوراً بالإشباع في نهاية المطاف. بدون غاية واضحة، قد يشعر الأفراد بالضياع أو فقدان الاتجاه.
الشغف هو الوقود اليومي الذي يُبقي الشخص متحمساً. الشغف يجعل الشخص مستمراً في العمل بكل حماس حتى في الأيام الصعبة، ويشجع على الإبداع والتفكير خارج الصندوق.
القيَم تُعد العنصر الذي يُمكّن الأفراد من العمل في انسجام داخل فريق. عندما تكون القيم متوافقة بين الأفراد، فإن التعاون يتحسن، مما يساهم في إنجاز الأهداف الجماعية.
إحصائية تدعم هذا الرأي: وفقاً لدراسة أجرتها شركة Gallup، 87% من الموظفين في الشركات التي تشاركهم قيمهم الشخصية يبدون رضا وظيفياً أكبر ويؤدون بشكل أفضل. لذا، يُمكن القول إن القيَم تلعب دوراً بالغ الأهمية في الحفاظ على بيئة عمل ناجحة ومنتجة.
خاتمة:
في النهاية، قد يُستدل من الإحصائيات والدراسات أن الغاية، الشغف، والقيَم كلها أجزاء لا غنى عنها لنجاح الأفراد داخل أي مؤسسة. الغاية تمنح العمل مغزى، والشغف يحفز على الإبداع والمثابرة، بينما القيَم تُعزز من العمل الجماعي وتحقق بيئة صحية تضمن التعاون الفعّال. ربما يكون الاختيار الأمثل هو إيجاد التوازن بين هذه الثلاثة، بحيث تُكمّل كل منها الأخرى. وفي دراسة أُجريت على حوالي 5000 موظف، لوحظ أن الأفراد الذين يجدون توازناً بين غاياتهم وشغفهم وقيمهم داخل عملهم، يظهرون نسبة رضا وظيفي تصل إلى 92%.