Skip links

فريق عمل جديد بالعمل: كيفية تقييم فريق جديد بسرعة؟

LinkedIn
Facebook
X
Pinterest

تعتبر الأيام الأولى للقائد مع فريق عمل جديد هي الفترة الأكثر حرجاً وتأثيراً في مسار القيادة المستقبلي. إنها ليست مجرد مرحلة للتعارف، بل هي نافذة زمنية ضيقة وحاسمة تتطلب مهارة عالية في “قراءة ما بين السطور” وفهم الديناميكيات المعقدة التي تحكم سير العمل. التحدي الأكبر لا يكمن في معرفة ما يفعله الفريق، بل في فهم “كيف” و”لماذا” يقومون بذلك. يتطلب التقييم السريع والفعال مزيجاً من الذكاء العاطفي، والتحليل القائم على البيانات، والقدرة على الملاحظة الدقيقة دون الانزلاق في فخ الأحكام المسبقة. في هذه المقالة، سنستعرض منهجية متكاملة لتقييم فريقك الجديد ببراعة، مما يمهد الطريق لاتخاذ قرارات إدارية صائبة وتحقيق نجاحات سريعة ومستدامة.

الملاحظة الصامتة وفهم السياق العام قبل التدخل

الخطوة الأولى والأكثر أهمية في تقييم أي فريق جديد هي مقاومة الرغبة الملحة في إحداث تغييرات فورية أو التحدث كثيراً. يجب أن تخصص الأسبوع الأول ليكون أسبوع “الملاحظة الصامتة”، حيث تراقب كيف تتدفق المعلومات، وكيف يتم التعامل مع الأزمات اليومية، ومن هم الأشخاص الذين يلجأ إليهم الفريق عند حدوث مشكلة. هذه الملاحظة تتيح لك فهم الثقافة السائدة، سواء كانت ثقافة تعاونية أم تنافسية، وتكشف لك عن القواعد غير المكتوبة التي تحكم المكتب. إن التسرع في فرض القوانين قبل فهم السياق التاريخي للفريق قد يجعلك تبدو منفصلاً عن الواقع، لذا فإن التقييم الحقيقي يبدأ بالصمت والمشاهدة لجمع البيانات الخام عن السلوكيات اليومية دون فلترة.

إجراء المقابلات الفردية لاستكشاف الدوافع الكامنة

لا يمكن تقييم الفريق ككتلة صماء واحدة، بل يجب الغوص في أعماق كل فرد على حدة من خلال جلسات فردية مكثفة وودية. الهدف من هذه الجلسات ليس مراجعة المهام الوظيفية فحسب، بل فهم طموحات كل موظف، وما الذي يحبطه، وما هي الأدوات التي يفتقدها للنجاح. عندما تجلس مع كل عضو، اسألهم عن رؤيتهم لمستقبل الفريق وعن العقبات التي تمنعهم من الإنتاجية القصوى. هذه المقابلات تكشف لك عن “قادة الرأي” الخفيين داخل الفريق، وعن الموظفين المحبطين الذين يمتلكون مهارات عالية ولكنهم يفتقدون التوجيه، مما يساعدك على رسم خريطة ذهنية لقدرات الفريق البشرية والنفسية.

تحليل ديناميكيات التواصل والاجتماعات

تعتبر الاجتماعات ومسارات التواصل هي الشرايين التي يتدفق من خلالها العمل، وتقييمها يعطيك مؤشراً فورياً عن صحة الفريق. راقب كيف يتحدث الأعضاء مع بعضهم البعض: هل هناك احترام متبادل؟ هل هناك شخص يهيمن على الحديث ويقاطع الآخرين؟ أم أن الصمت هو سيد الموقف خوفاً من النقد؟ تحليل لغة الجسد ونبرة الصوت ومستوى المشاركة في الاجتماعات يوضح لك مستوى “الأمان النفسي” داخل الفريق. إذا لاحظت أن الاجتماعات عبارة عن مونولوج للمدير السابق أو لأشخاص محددين دون مشاركة فعالة من البقية، فهذا مؤشر قوي على وجود خلل في التواصل وثقة مهتزة تحتاج إلى ترميم فوري.

مراجعة مؤشرات الأداء التاريخية والحالية

بعيداً عن الجانب الإنساني، لابد من الاحتكام إلى لغة الأرقام والحقائق لتقييم الكفاءة المهنية للفريق. قم بمراجعة تقارير الأداء للشهور الستة الماضية، وانظر إلى مدى تحقيق الأهداف (KPIs) والالتزام بالمواعيد النهائية. لا تنظر فقط إلى النتائج النهائية، بل دقق في “جودة” المخرجات ومعدلات الخطأ وإعادة العمل. هل الفريق يحقق أهدافه بصعوبة بالغة وفي اللحظات الأخيرة؟ أم أن الأهداف موضوعة بمستوى منخفض جداً يسهل تجاوزه؟ تحليل هذه البيانات يساعدك على معرفة ما إذا كان الفريق يعاني من نقص في المهارات الفنية، أو سوء في توزيع الموارد، أو ضغط عمل غير واقعي.

تحديد الفجوات المهارية ومصفوفة الكفاءات

أحد أهم أركان التقييم السريع هو معرفة ما إذا كان الشخص المناسب يجلس في المكان المناسب. قم بإعداد “مصفوفة المهارات” التي توضح المهارات الحالية لكل عضو مقارنة بالمهارات المطلوبة لتحقيق أهداف القسم المستقبلية. قد تكتشف أن لديك فريقاً ممتازاً ولكنهم موزعين بشكل خاطئ، أو أن الفريق يفتقد بشدة لمهارة تقنية حديثة تعطل تقدم الجميع. هذا التقييم يساعدك على تحديد من يحتاج إلى تدريب عاجل، ومن يمكنه تحمل مسؤوليات أكبر، ومن قد لا يتناسب مع المرحلة القادمة، مما يوفر عليك وقتاً طويلاً من التجربة والخطأ.

فحص أدوات العمل والبنية التحتية التقنية

في كثير من الأحيان، يُظلم الفريق ويُتهم بالتقصير بينما المشكلة الحقيقية تكمن في الأدوات التي يستخدمونها. جزء أساسي من تقييمك يجب أن ينصب على التكنولوجيا والبرمجيات وسير العمل التقني المتاح لهم. هل يستخدمون برامج قديمة تستهلك وقتهم؟ هل هناك عمليات يدوية يمكن أتمتتها بسهولة؟ سؤال الفريق عن “أكثر أداة تكرهون استخدامها” قد يفتح لك باباً واسعاً لتحسين الإنتاجية بشكل فوري. التقييم هنا يركز على البيئة اللوجستية والتقنية وهل هي “ممكنة” للنجاح أم “مععيقة” له، وهو ما يغفله الكثير من المدراء الجدد.

استكشاف مستوى المرونة والتكيف مع التغيير

العالم يتغير بسرعة، والفريق الذي لا يمتلك مرونة هو فريق محكوم عليه بالفشل. يمكنك اختبار هذه الصفة من خلال طرح سيناريوهات افتراضية لمشكلات مفاجئة أو تغييرات في السوق ومراقبة ردود أفعالهم. هل يميلون إلى الذعر والرفض؟ أم يبدؤون فوراً في البحث عن حلول بديلة؟ الفريق الذي يتمتع بمرونة عالية هو فريق يمتلك عقلية النمو، بينما الفريق الجامد سيتطلب منك جهداً مضاعفاً في إدارة التغيير. معرفة درجة مرونة فريقك تحدد لك السرعة التي يمكنك بها تنفيذ استراتيجيتك الجديدة.

رصد مراكز القوى والتحالفات الداخلية

في كل تجمع بشري، تنشأ تحالفات وصداقات ومراكز قوى غير رسمية تؤثر في القرار بشكل أقوى من الهيكل التنظيمي الرسمي. عليك أن تحدد بسرعة من هم “المؤثرون” الذين إذا اقتنعوا بفكرتك اقتنع بها الجميع، ومن هم “المعارضون” الذين قد يضعون العصا في العجلات. فهم الخريطة السياسية والاجتماعية للفريق لا يعني الدخول في مؤامرات، بل يعني الذكاء في التعامل مع المفاتيح البشرية لتمرير القرارات بسلاسة. تجاهل هذه الديناميكيات قد يؤدي إلى مقاومة خفية لأي مشروع تطويري تنوي القيام به.

تقييم آلية اتخاذ القرارات وحل المشكلات

راقب بتمعن كيف يتم اتخاذ القرار داخل الفريق عند غياب المدير. هل يتوقف العمل تماماً انتظاراً للتعليمات؟ أم أن هناك تفويضاً وصلاحيات واضحة تسمح بسير العمل؟ وهل القرارات تُبنى على بيانات وحقائق أم على أهواء شخصية وحدس؟ إذا وجدت أن الفريق يعاني من “شلل التحليل” أو الخوف المفرط من اتخاذ أي قرار صغير، فهذا يعني أن هناك مشكلة في ثقافة اللوم أو في وضوح الصلاحيات. تقييم هذه الجزئية يحدد لك مدى استقلالية الفريق ونضجه المهني.

قياس مستوى الالتزام والشغف تجاه الرؤية

المهارة وحدها لا تكفي إذا غاب الشغف والالتزام. حاول أن تستشعر “الروح المعنوية” للفريق. هل يأتون للعمل لتأدية واجب ثقيل والمغادرة بأسرع وقت؟ أم أنهم يهتمون حقاً بجودة ما يقدمونه ويفخرون به؟ يمكنك ملاحظة ذلك من خلال مبادراتهم الإضافية، واهتمامهم بالتفاصيل، وحماسهم عند الحديث عن إنجازاتهم. الفريق الفاقد للشغف هو فريق يحتاج إلى “إعادة إحياء” لرؤيته وهدفه، وتقييم هذا الجانب يساعدك في معرفة ما إذا كنت ستحتاج للتركيز على التحفيز المعنوي أم المادي أم كليهما.

اختبار الاستجابة السريعة (مشروع تجريبي صغير)

أفضل طريقة لإنهاء مرحلة التقييم وتأكيد ملاحظاتك هي تكليف الفريق بمشروع صغير عاجل أو تحدي قصير المدى (Quick Win). راقب كيف ينظمون أنفسهم، كيف يوزعون الأدوار تحت الضغط، وكيف يتعاونون لإنجاز المهمة. هذا الاختبار العملي يضع كل النظريات والملاحظات السابقة على المحك، ويكشف لك المعدن الحقيقي للفريق في “ساحة المعركة”. ستظهر لك بوضوح نقاط القوة التي يمكنك البناء عليها، ونقاط الضعف التي تحتاج إلى تدخل جراحي عاجل، مما يجعلك تنتقل من مرحلة التقييم إلى مرحلة الفعل بثقة تامة.



||||  نصائح مفيدة

إليك أفضل 10 نصائح لضمان نجاح عملية تقييم فريقك الجديد، مع توضيح أهمية كل نصيحة:

  1. أنصت أكثر مما تتكلم: في البداية، أنت بحاجة للمعلومات وليس لإلقاء المحاضرات؛ الاستماع يمنحك مفاتيح الشخصيات.

  2. لا تنتقد الإدارة السابقة علناً: الحفاظ على المهنية يكسبك احترام الفريق، حتى لو كان الفريق نفسه يشتكي من الماضي.

  3. ابحث عن “الانتصارات السريعة”: تحقيق إنجاز صغير وسريع مع الفريق يبني الثقة ويرفع الروح المعنوية فوراً.

  4. كن شفافاً بشأن نواياك: الغموض يولد الخوف؛ وضح للفريق أنك هنا للتقييم بهدف التطوير وليس لتصيد الأخطاء.

  5. افصل بين الشخص والأداء: عند التقييم، ركز على النتائج والسلوكيات المهنية ولا تتأثر بالانطباعات الشخصية أو الشائعات.

  6. تحقق من البيانات بنفسك: لا تعتمد فقط على ما يُقال لك شفهياً، ارجع للمصادر والتقارير للتأكد من دقة المعلومات.

  7. احترم تقاليد الفريق الحالية: لا تسخر من طقوسهم أو طرقهم القديمة فوراً، بل افهم سبب وجودها قبل تغييرها.

  8. حدد التوقعات بوضوح: الموظف لا يمكنه النجاح إذا لم يعرف ما هو مطلوب منه بدقة؛ الوضوح يزيل نصف المشاكل.

  9. عامل الجميع بمسافة واحدة: تجنب تكوين “شلة” مقربة في البداية، لأن ذلك سيخلق انقساماً فورياً وعداءً من البقية.

  10. ثق بحدسك ولكن تحق منه: إذا شعرت أن هناك خطأ ما، غالباً ما يكون هناك خطأ، ولكن ابحث عن الدليل قبل اتخاذ إجراء.




||||  إحصائيات هامة

أدق 7 إحصائيات عالمية تتعلق بتقييم الفرق وإدارتها وتأثير ذلك على بيئة العمل:

  1. تشير الدراسات إلى أن 70% من التباين في مشاركة الموظفين وارتباطهم بالعمل يعود سببه المباشر إلى كفاءة المدير المباشر وجودة إدارته للفريق.

  2. الفرق التي تتمتع بمستويات عالية من “المشاركة والاندماج” تحقق ربحية أعلى بنسبة 21% مقارنة بالفرق ذات المشاركة المنخفضة.

  3. حوالي 33% من الموظفين الجدد يبدؤون في البحث عن وظيفة جديدة خلال الأشهر الستة الأولى إذا شعروا بعدم التوافق مع الفريق أو المدير.

  4. الشركات التي تستثمر في تطوير نقاط قوة موظفيها بدلاً من التركيز فقط على إصلاح نقاط الضعف، تشهد زيادة في المبيعات بنسبة تتراوح بين 10% إلى 19%.

  5. غياب التقدير والتقييم العادل هو السبب الرئيسي لاستقالة 79% من الموظفين الموهوبين من وظائفهم.

  6. الفرق التي تتسم بالتنوع (في الجنسيات أو الخلفيات) وتتم إدارتها بشكل جيد تتخذ قرارات أفضل بنسبة 87% من الوقت مقارنة بالفرق غير المتنوعة.

  7. الموظفون الذين يتلقون تعليقات وتقييمات (Feedback) يومية أو أسبوعية هم أكثر عرضة بـ 3 مرات لأن يكونوا أكثر اندماجاً وإنتاجية من أولئك الذين يتلقون تقييماً سنوياً فقط.




أسئلة شائعة !

أكثر 5 أسئلة شيوعاً حول تقييم الفرق الجديدة مع إجابات دقيقة:

1. كم من الوقت أحتاج لتقييم فريق جديد بشكل كامل؟
المدة المثالية تتراوح عادة بين 30 إلى 90 يوماً. الشهر الأول للملاحظة والفهم، والشهر الثاني للتحليل واختبار الفرضيات، والشهر الثالث لوضع خطة العمل والبدء بالتنفيذ. التسرع أقل من ذلك قد يؤدي لظلم البعض، والتأخير أكثر من ذلك يضيع هيبة القيادة.

2. ماذا أفعل إذا اكتشفت وجود عنصر “سام” في الفريق يؤثر على الجميع؟
يجب التعامل مع هذا الموقف بحزم وسرعة ولكن بعد توثيق السلوك. ابدأ بمواجهة الموظف بأدلة ملموسة على تأثير سلوكه، وامنحه فرصة واضحة ومحددة زمنياً للتعديل. إذا لم يستجب، فإن إبعاده عن الفريق هو الحل الأمثل لحماية الثقافة العامة، مهما كانت مهاراته الفنية عالية.

3. هل أعتمد على تقييم المدير السابق للفريق؟
استخدم تقييم المدير السابق كـ “نقطة استرشادية” فقط ولا تعتمده كحقيقة مطلقة. قد يكون المدير السابق متحيزاً (سلباً أو إيجاباً) أو لديه أسلوب إدارة مختلف. ابدأ صفحة بيضاء وابنِ أحكامك الخاصة بناءً على تجربتك المباشرة.

4. كيف أقيم فريقاً يعمل بالكامل عن بُعد (Remote Team)؟
في العمل عن بُعد، ركز على “المخرجات” بدلاً من ساعات العمل. استخدم أدوات إدارة المشاريع لتتبع الإنتاجية، وكثف من الاجتماعات الفردية عبر الفيديو لتعويض غياب التواصل الجسدي. التقييم هنا يعتمد بنسبة أكبر على دقة التسليمات وجودة التواصل الرقمي.

5. ما الفرق بين تقييم المهارات وتقييم السلوك، وأيهما أهم؟
تقييم المهارات (Hard Skills) يتعلق بالقدرة الفنية على إنجاز العمل، بينما السلوك (Soft Skills) يتعلق بكيفية التعامل مع الزملاء والالتزام. في الفرق الناجحة، السلوك أهم على المدى الطويل؛ لأن المهارات يمكن تعلمها واكتسابها بالتدريب، أما السلوكيات والطباع السيئة فمن الصعب جداً تغييرها وغالباً ما تدمر الفريق.



الخاتمة

إن عملية تقييم فريق جديد ليست مجرد إجراء روتيني، بل هي حجر الأساس الذي يُبنى عليه نجاح القائد والمؤسسة معاً. القدرة على الفهم السريع للديناميكيات، وكشف الطاقات الكامنة، ومعالجة مكامن الخلل بحكمة، هي ما يميز القائد الاستثنائي عن المدير التقليدي. تذكر دائماً أنك تتعامل مع بشر لديهم طموحات ومخاوف، لذا فإن المزج بين الحزم الإداري والذكاء الإنساني هو مفتاحك السحري لتحويل أي مجموعة من الأفراد إلى فريق عمل متناغم وعالي الأداء. ابدأ بالملاحظة، وابنِ الثقة، ثم انطلق نحو التغيير المدروس.

Author

Leave a comment